زيارتي للرائد وهبة أبو عواد: قصة بطل درزي في مواجهة الألم والتضحية
زيارتي لهذا الضابط البطل من الطائفة الدرزية، الذي أصيب بصاروخ كورنيت في 26 ديسمبر 2023، تركت في نفسي أثرًا عميقًا. بعيون تملؤها العزيمة والإصرار، تحدث وهبة عن إصابته بفخر وكأنها وسام شرف. قال لي: “الألم الجسدي لا يُقارن بمحبة الوطن. كل جرح في جسدي هو تذكار على أنني قدمت جزءًا مني لأجل هذه الأرض.”
وهبة، الذي خاض العديد من المعارك والتضحيات خلال خدمته، ينقل في كل كلمة روحًا من الإيمان العميق والتضحية بلا حدود من أجل دولة إسرائيل. قصته ليست مجرد قصة إصابة، بل هي قصة بطولة تتخطى الألم، ورمز للعطاء المستمر رغم التحديات.
قصة وهبة في الحرب
في السابع من أكتوبر، عندما اندلعت الحرب، كان وهبة في مكان عمله كضابط في مصلحة السجون. فور سماعه بأخبار الهجوم، لم يتردد في التوجه نحو الحدود الشمالية حيث يعرف كل زاوية فيها بحكم خدمته الطويلة. “عندما سمعت صوت الطائرات وصافرات الانذار، شعرت بواجبي نحو شعبي وأرضي. انضممت فورًا للخدمة في الاحتياط لمواجهة خطر الإرهابيين الذين كانوا يسعون لقتل مواطني إسرائيل بدون تمييز.” هكذا وصف لي وهبة قراره الشجاع.
كان وهبة في أحد المواقع على الحدود الشمالية عندما تعرضت المنطقة لاطلاق من القذائف الصاروخية. صباح ذلك اليوم كان هادئًا، ولكنه تحول فجأة إلى ساحة قتال. قال وهبة: “كان الصباح هادئًا وكنا نستعد لتناول وجبة الإفطار، وفجأة سمعنا صوت صاروخ يحلق فوقنا وصوت صافرات الانذار، أدركنا حينها أن هناك هجومًا على الموقع.”
قصة إصابته
خلال تنفيذ المهمة العسكرية في تلك المنطقة، كان وهبة ضمن قوة تسلقت نحو كنيسة أثرية في منطقة مكشوفة للنيران من الجانب اللبناني. أثناء التقدم، أُطلقت عليهم قذيفة كورنيت، وأُصيب وهبة بجروح خطيرة في جسده. “شعرت بحرقة شديدة وألم لا يوصف، لكني كنت أعي تمامًا ما يحدث حولي. كل ما فكرت فيه هو أن أظل واعيًا حتى يصلني الدعم الطبي.”
كانت لحظات صعبة للغاية، وحينها تقدم صديقه المقرب، الرائد نائل فوارسة، الذي هرع إلى جانبه لإسعافه وإيقاف النزيف. للأسف، نائل فقد حياته لاحقًا في نفس المنطقة بسبب هجوم آخر. يتحدث وهبة بتأثر عن صديقه الراحل: “نائل كان أكثر من صديق، كان أخًا لي في السلاح. لن أنسى شجاعته، ولن أنسى كيف قدم روحه من أجل حماية زملائه.”
منذ إصابته، خضع وهبة لأكثر من 21 عملية جراحية، ولا يزال يتلقى العلاج ويخوض رحلة التعافي. ورغم الألم، لم تتزعزع عزيمته، حيث قال لي: “ربما جسدي ضعيف، لكن روحي أقوى من أي وقت مضى. سأواصل النضال من أجل وطني، فهذه الأرض تستحق كل تضحية.”
هؤلاء الأبطال مثل وهبة أبو عواد، من أبناء الطائفة الدرزية وغيرهم، يجسدون صورة مشرقة من التضحية والالتزام، ويمنحون المجتمع الإسرائيلي فخرًا وأملًا بقوة أبنائه وشجاعتهم.