الخبراء اللغويون الذي يعرفون العدو أكثر من غيرهم

26.02.24

 

(ر) و(أ) يعرفان الثقافة العربية عن كثب من المنزل الذي ترعرعا فيه في دالية الكرمل. حيث استوعبا التقاليد والمأكولات مع المحبة للجيش وأهمية الخدمة. وقد تجند الشقيقان معًا لصفوف هيئة الاستخبارات العسكرية بصفتهما خبيرين لغويين، وحتى بعد انخراط (ر) في دورة تأهيل الضباط، هما واصلا تحليل المعلومات الاستخباراتية كتفًا إلى كتف، بناءً على فهمها الثاقب للغة والتقاليد المتعلقة بتلك الأخبار بالغة الأهمية. فقد انطلقنا للاستماع منهما لماذا ينبغي معرفة الإرهاب من أجل إحباطه.

"على الأرجح لا تعرف التوابل التي يستخدمها الفلسطيني في قطاع غزة الذي نحلله ونتنصت له"، يقول الميجر (ر)، قائد خلية وخبير لغوي لدى هيئة الاستخباراتية العسكرية، "لكنني أعرفها فأمي تستخدمها منذ طفولتي، وقد نشأت على رائحتها وذوقها".

وكيف يتصل كل ذلك بالعمل الاستخباراتي؟ من شأن التابل الذي تحدثنا عنه أن يصبح علامة متفق عليها لدى العدو، وكما يمكن طبخ المأكولات به يمكن إعداد قنابل من خلاله، وبفضل الخبراء اللغويين التابعين لهيئة الاستخبارات العسكرية يمكن تمييز أبسط الفروق والكشف عن وجود نشاط إرهابي.

ومع أن الميجر (ر) هو ضابط، إلا أنه وعلى غرار شقيقه الأصغر، المساعد (احتياط) (أ)، بدأ مشواره العسكري بمنصب خبير لغوي. ومنذ نشوب الحرب، يخدم الاثنان في نفس غرفة العمليات، حيث يتولون المسؤولية مع زملائهم في المنصب عن ترجمة وتحليل الأنباء الاستخباراتية حتى أدق تفاصيلها.

حيث ترد تفسيراتهم واستنتاجاتهم أعلى المستويات وصناع القرار، وبالتالي فالمسؤولية الملقاة على عاتقيهما جمة. ومن شأن قدرتهما على فك أكثر المعلومات تعقيدًا والقيمة المضافة التي يتم استخراجها من خلال معارفهما أن تنقذ الأرواح في نهاية المطاف.

إن عددًا ليس قليلاً من الخبراء اللغويين هم من أبناء الطائفة الدرزية. وقد ترعرع على سبيل المثال الميجر (ر) والمساعد (احتياط) (أ) في دالية الكرمل، وتجندا متحلين بالدافعية الشديدة على خطى والدهما الذي خدم على مدار سنين طويلة بصفة قائد كتيبة احتياط. وقد وصلا إلى هيئة الاستخبارات العسكرية وتم تعيينهما في منصب يحقق أقصى استفادة ممكنة من قدراتهما ومعارفهما الواسعة وبالدرجة الأولى اللغة والثقافة اللتان انحدرا منهما.

"حينما تترعرع وتستمد وتعيش ثقافة معيّنة وهذا ما تملكه في بيتك فهذا يضعك في موقف منقطع النظير" يؤكد الميجر (ر)، "بما أنني ترعرعت في الطائفة الدرزية، فأعرفها والثقافة العربية ليس على صعيد اللغة فحسب بل من حيث العقلية أيضًا. وربما من الغريب التفكير عن ذلك بهذه الصورة، لكنني أفهم العدو على أحسن وجه – وهو جوهر العمل الاستخباراتي".

"لقد بدأت مشواري في هذا المنصب"، هو يشارك، "لكن تحديدًا حينما تركته وتحولت لمنصب ضابط وقائد خلية أدركت الدور المفصلي الذي يلعبه الخبراء اللغويون، والميزة الاستراتيجية الملموسة التي نحققها".

الميجر (ر) يقول إنه منذ الـ 7 من أكتوبر، سنحت له ولشقيقه فرصة العمل مع بعضهما عدة مرات: "أتذكر أنه في أحد الأيام وبعد أن استكملت دوامي، في اللحظات الأخيرة رصدت عنصرًا إرهابيًا ناشطًا آخر، وكنت أعرف أنه يجب عليّ القضاء عليه. فدخلت قسم الخبراء اللغويين لتلقي المساعدة منهم، حيث شاهدت هناك شقيقي الذي ساعدني على تحليل النبأ الاستخباراتي".

"وبمحرد أن أعاده لي"، يتابع الضابط، "لاحظت فورًا الفرق الهائل الذي صنعه والقيمة التي جلبها لفهمنا جميعًا. وبفضل التعاون بين جميعنا، تم تحييد ذلك العنصر في تلك الليلة".

وينطوي العمل المشترك، كما يشهد أيضًا شقيقه، المساعد (احتياط) (أ)، على مزايا كبيرة: "معرفة ان لديك سند مهما كانت الظروف يشعرك بالاطمئنان ومشاهدة وجه تعهده من بيتك أمر يضفي عليك الشعور الجيد. نحن نعتني ببعضنا باستمرار ونشارك ونساعد بعضنا من الناحية المهنية والشخصية على حد سواء".

"عندما ننجح في إحباط الإرهاب، لا سيما بالتعاون فيما بيننا، نشعر بارتياح شديد – فلدينا الشعور بالرسالة كوننا نعرف أننا ندافع عن الدولة بأكثر الطرق إبداعًا والخارجة من الصندوق"، يلخص المساعد (احتياط) (أ)، "الخبراء اللغويون يجلبون مغزى عظيمًا لهيئة الاستخبارات العسكرية، ويستخدمون المعارف الفريدة من نوعها المتوفرة لديهم لضمان أن الغلبة ستكون لنا".