الحقيقة الكاملة بشأن منظمة حماس الإرهابية
ولدت حماس، شأنها شأن أي منظمة إرهابية، عن فكرة، عن عقيدة، حيث أدرك زعماؤها أن أول خطوة على طريق الترسخ هي وضع ميثاق رسمي غاية في اللاسامية والراديكالية. وفي الوقت الذي يتهيأ فيه جيش الدفاع الإسرائيلي لتوسيع الهجوم، تحرينا عن كيفية تحول هذه الوثيقة إلى أعمال فعلية تعيد إلى الذاكرة وحشية داعش. فإليكم هذه النظرة المتفحصة إلى حماس منذ نشأتها حتى اليوم الذي لن ينساه أي إسرائيلي، أي 7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
صباح السبت، عيد "فرحة التوراة" اليهودي. صفارات الإنذار تنطلق في أنحاء البلاد. منظمة حماس الإرهابية تشن حملة مباغتة فتاكة تسعى منها لقتل أكبر عدد ممكن من السكان المدنيين والعسكريين والعودة بأكبر عدد ممكن من المخطوفين والأسرى. وفي سلسلة من الجرائم المناهضة للبشرية نتجت عن الاعتداء البربري أرقام تستعصي على الإدراك من القتلى والجرحى والمخطوفين والأسرى، وهي أرقام لا تزال تخضع للتحديث يوما بعد يوم.
وإن كان معظم الضحايا من الإسرائيليين، إلا أن هذا الاعتداء الوحشي يمثل اعتداء على الجنس البشري كله، بل انتهاك لأبسط الأعراف والمسلمات الإنسانية، إذ في الوقت الذي يغير فيه جيش الدفاع الإسرائيلي بقوة ودون توقف على الكثير من الأهداف الإرهابية التابعة للمنظمة من الجو والبحر والبر، نكتب هذه السطور بهدف التعريف بعمق على من يقفون وراء أروع الحوادث الإرهابية والمجازر، فما هي الإيديولوجيا التي تقف من وراء هذه الأعمال الوحشية وكيف تمكن أولئك القتلة من السيطرة المطلقة على قطاع غزة؟
من منظمة إرهابية صغيرة إلى الحاكم الرسمي للقطاع
يعود اسم "حماس" إلى مصدرين، أولهما "حركة المقاومة الإسلامية"، والآخر والأكثر إثارة للاهتمام هو كلمة حماس التي تشير إلى الإثارة والفرحة إلخ. تأسست هذه المنظمة في كانون الأول/ديسمبر من عام 1987، عند بدء "الانتفاضة" الأولى، حيث وقفت على راس الحكم في قطاع غزة ساعية إلى إنشاء دولة فلسطينية تعتمد الشريعة الإسلامية على أنقاض دولة إسرائيل.
في أيلول/سبتمبر من عام 2005 أكملت إسرائيل تنفيذ مشروع الانفصال والذي أدى إلى إخلاء المواطنين والقوات الإسرائيلية الكامل لقطاع غزة. وبعد سنة من ذلك نالت حماس أغلبية المقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني، وحلت محل حركة فتح التي كانت حتى ذلك الحين القوة السياسية الفلسطينية المسيطرة.
في حزيران / يونيو 2007 سيطر أفراد حماس بالقوة على قطاع غزة بكامله وطردوا جميع عناصر فتح. وإن كان هذا الأمر ينظر إليه على أنه حدث عابر، إلا أنه بات حقيقة واقعة مع مرور السنين، حيث أصبحت حماس هي القوة الحاكمة للقطاع.
يعتبر أعضاء حماس السيطرة الكاملة على الحكم في القطاع أكبر مكسب إستراتيجي في تاريخهم، حيث يمثل حكم القطاع موقعا قياديا وطنيا، ما يرون أنه منصة انطلاق إلى الترسخ الكامل في المنظومة الفلسطينية كلها.
تعارض حماس التي يترأسها اليوم يحيى السنوار وإسماعيل هنية بشدة أي اعتراف بإسرائيل وتحاور معها، مستهدفة إحباط أي فرصة لخوض مسيرة سياسية مع إسرائيل. وتملك حماس ثلاثة أذرع، أولها سياسي والثاني عسكري والثالث مدني، وتعمل أيضا في مناطق خارج القطاع، منها الضفة الغربية ولبنان.
تعتمد إيديولوجيا حماس على قيم القرآن ومن أهم فرائضه هي جمع أموال الزكاة، حيث أنشأت حماس منظومة رسمية عهدت إليها بالالتزام بهذه الفريضة، لتوفر الدعم الاقتصادي والخدمات التربوية والدينية.
كان لجمع الأموال دور هام في سيطرة حماس على الحكم عبر توفير الدور المدني للمنظمة كما عمل على تنمية الروابط مع عناصرها ومؤيديها، ولكن أموال "الزكاة" هذه تقوم في الحقيقة بالتمويل المباشر لفروع الذراع العسكري لحماس والمعروف باسم "كتائب عز الدين القسام"، وقوات أخرى، منها وحدات "النخبة".
أرست حماس على امتداد السنين سياسة متطرفة من الإرهاب الموجه ضد إسرائيل، تمثلت في العمليات الإرهابية، منها العمليات الانتحارية (المسماة "استشهادية") والقتل الجماعي. ولكون حكم حماس منشغلا في تطبيق أهدافه، لا يستغرب أن يلقى صعوبة في توفير احتياجات الجمهور الفلسطيني الذي يعاني من ضائقة مدنية خطيرة ومتفاقمة منذ سيطرة حماس على الحكم. جدير بالإشارة إلى أنه، وكجزء من استراتيجية القتال التي تبنتها حماس، اندمج مخربو حماس بالسكان المدنيين، محوّلين إياهم بذلك إلى دروع بشرية رغما عنهم.
في سنة 2015، وضمن تقرير نشر على الملأ، اختار جهاز الأمن العام الإسرائيلي شاباك صياغة الأمر هكذا: "تضع حماس تحقيق التعاظم العسكري على رأس أولوياتها، يتقدم حتى على الاهتمام برفاهية السكان المدنيين في القطاع وتحسين أوضاعهم وإعادة تأهيلهم. وفي هذا الإطار، توجه حماس في الفترة الأخيرة جل مواردها إلى القيام بحملة واسعة النطاق لشراء السلع، بما فيها السلع المزدوجة الاستخدامات (أي التي من شأنها أن تُستخدم في صناعة الوسائل القتالية)، والتي يتم إدخالها للقطاع عبر تمويهها على أنها مواد بريئة".
ومن أبسط الأمثلة على ذلك الأنفاق القتالية، وهي الأنفاق التي تحفرها حماس وغيرها من المنظمات الإرهابية في قطاع غزة للتسلل عبرها من القطاع إلى الأراضي الإسرائيلية، ضمن مساعيها للتعرض للمدنيين الإسرائيليين أو خطفهم. ولكون هذه الأنفاق صغيرة ذات أبعاد صغيرة، قامت حماس بتشغيل أطفال كثيرين في حفرها، بما يمثل انتهاكا للقانون.
هذه الأيديولوجيا كلها تتضمنها وثيقة أساسية واحدة
في سنة 1988 أصدرت حماس وعلى رأسها أحمد ياسين – ميثاقا من 36 بندا يمثل وثيقة أساسية تحمل طبيعة لاسامية متطرفة ومناهضة للغرب، يتصدرها التزام أيديولوجي بالقضاء على دولة إسرائيل.
ولا تزال نسخ هذا الميثاق يتم توزيعها حتى اليوم على الجمهور الفلسطيني، باعتبارها أهم وثيقة لحماس، علما بأنها تستند إلى مصادر إسلامية على رأسها القرآن، تستغلها لاكتساب صبغة شرعية.
يتضمن الميثاق عددا من المبادئ المقلقة التي يعتمدها مخربو حماس، منها اللاسامية السافرة، حيث يقدم الميثاق الراديكالي الشعب اليهودي على أنه يريد السيطرة على الشرق الأوسط والعالم قاطبة، إذ لجأ واضعو الميثاق إلى أساطير لاسامية أوروبية بامتياز، بل يمكن تسميتها بالنازية، ممزوجة باللاسامية الإسلامية المتطرفة المتزمتة.
البند 22 من الميثاق الأصلي
...فبالأموال سيطروا على وسائل الإعلام العالمية... وبالأموال فجروا الثورات... فهم من وراء الثورة الفرنسية والثورة الشيوعية... هم الذين وقفوا وراء الحرب العالمية الأولى التي تمكنوا فيها من القضاء على دولة الخلافة الإسلامية... البند 22 من الميثاق الأصلي).
كما وضع الميثاق في مركز اهتماماته أهمية "الجهاد" باعتباره وسيلة رئيسية في تحقيق أهدافهم، علما بأن الجهاد
"حرب مقدسة" بلا هوادة ضد إسرائيل، ويجب الاعتراض المطلق على أي اتفاق يعني حقها في الوجود. كما ترى حماس أن الجهاد هو من واجب كل المسلمين في العالم.
عودة إلى اليوم
منذ استعادة قوات الأمن الإسرائيلية للسيطرة على منطقة غلاف غزة تستمر الفظائع في الظهور، حيث يعيد الاعتداء الشرس على إسرائيل إلى الأذهان إستراتيجيات داعش الإرهابية البربرية، مثل الاختطاف وأخذ الرهائن والإعدام وقطع الرؤوس وإضرام النار والتمثيل بالجثث والاغتصاب.
إن الشهادات الواردة من الساحة حول ما يجري في القطاع تؤكد هي الأخرى وحشية حماس نحو من تدعي بأنها تحارب نيابة عنهم. على سبيل المثل الحديث الذي أجراه ضابط استخبارات في جيش الدفاع الإسرائيلي مع مواطن من سكان غزة والذي روى فيه الأخير أن حماس تمنعهم من التوجه إلى جنوب القطاع، بعد التعليمات الصادرة عن الجيش والهادفة إلى حفظ أمان الأبرياء.
كما تبين يوم الاثنين الماضي أن حماس سرقت مادة السولار وغيره من أنواع الوقود والمعدات الطبية المرسلة من الأونروا إلى سكان القطاع.
يواصل جيش الدفاع الإسرائيلي غاراته دون انقطاع ويتهيأ لتوسيع المناورة وأبعاد الهجوم، فكل شيء ممكن، إذ وضع الجيش نصب عينيه تقويض حكم حماس وإعادة الهدوء إلى دولة إسرائيل، وما الأحداث الأخيرة سوى دليل قاطع على أننا طوال سنين لم نكن نقاتل عدوا عاديا، فهي حرب ضد منظمة إرهابية وحشية دفاعا عن النفس، بل هي حرب وجود.